{فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} إلى عيدهم، فدخل إبراهيم على الأصنام فكسرها. كما قال الله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ} مال إليها ميلة في خفية، ولا يقال: راغ حتى يكون صاحبه مخفيًا لذهابه ومجيئه، {فَقَال} استهزاء بها: {أَلا تَأْكُلُونَ} يعني: الطعام الذي بين أيديكم.{مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ} مال عليهم، {ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} أي: كان يضربهم بيده اليمنى لأنها أقوى على العمل من الشمال. وقيل: باليمين أي: بالقوة. وقيل: أراد به القسم الذي سبق منه وهو قوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} [الأنبياء- 57].{فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ} يعني: إلى إبراهيم {يَزِفُّونَ} يسرعون، وذلك أنهم أخبروا بصنيع إبراهيم بآلهتهم فأسرعوا إليه ليأخذوه.قرأ الأعمش وحمزة: {يزفون} بضم الياء وقرأ الآخرون بفتحها، وهما لغتان. وقيل: بضم الياء، أي: يحملون دوابهم على الجد والإسراع.{قَالَ} لهم إبراهيم على وجه الحجاج: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} يعني: ما تنحتون بأيديكم.{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} بأيديكم من الأصنام، وفيه دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.{قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} معظم النار، قال مقاتل: بنوا له حائطًا من الحجر طوله في السماء ثلاثون ذراعًا، وعرضه عشرون ذراعًا، وملؤوه من الحطب وأوقدوا فيه النار وطرحوه فيها.{فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا} شرًا وهو أن يحرقوه، {فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ} أي: المقهورين حيث سلَّم الله تعالى إبراهيم ورد كيدهم.